في رَدهات حُلُم
..............
أَمتشقُ قامةَ الغياب
وأَمتطي صهوتَه
لا ألوي على حضور
سوى من فُتاتِ الحاضرِ القريب
وكثيرٍ من السّالفِ
الغائرِ في الأعماق
الـمُمسِكِ بِتلابيب الأعناق
الـمُتشبِّثِ بقشرةِ الدماغ
وصولاً إلى كلِّ خليةٍ عصبية
مروراً بكلِّ مشبكٍ عصبي
****
يتململُ ماردُ طفولتي
أنبُش تِبرَه الخصيب
يشرئبُّ المارد
ويَعشَوشِبُ التِّبر
يشتعلُ الحقل
ويَفيضُ البيدر
يتفتّحُ النُّوار
ويتسلّل نسغُه على مهل
ويستحيلُ نبيذاً
بلا هوادة!
****
أستدعي التفاصيل
وأفُكُّ أساوري
وأَنقُضُ جديلتي
وحتى أزرارَ شعوري
أُرخي ربطةَ العنقِ
المعقودةَ في وعيي
وأخلعُ قيودي
أحلّقُ في ذُرورٍ
خاليةٍ من وعيي وحضورِه
مثقلةٍ بكلِّ كامنٍ أو مكنون
****
تغلي كلُّ القطعِ
الحديثةُ والقديمة
تطفو للسطح
تتجسّدُ كلٌّ منها في
حوارٍ صوَريّ
تتماهى في حديثٍ مسرحي
يحكي كلُّ فصلٍ منه
ألـماً أو فرحاً
اختبأ في نفْسي طويلاً
****
تعتريني الأحداث
تصعدُ إلى السطح
تنتابُني قشعريرة
فترتقي نحو القمة
تُدير الدّفّة
ويبحرُ الأسطول
في موجٍ هادر
يتلاطمُ يَمنةً ويَسرة
ويقلّبُ القاع
ويلوّح بالرموز من علوٍّ شاهق!
****
ها أنت أيها المحفور
تنتفضُ من براثنِ الذاكرة
وتشقُّ جدرانَها بِتواتر
تستجمعُ أقدامك ويديك
لِتقفَ على النّاصية
ترقبُني
وعلى غِرّةٍ من ضعفي
تنكثُ قواي
وتَحُلُّ عُرى ذاكرتي
عروةً عروة
****
ها هو الصمتُ يعلو
ويلسعُ سماء دماغي
عـلَّ الهطلَ القادم
رمزاً سابرَ الدِّلالة
ينطقُ بكثيرٍ من حديث
لا كلماتَ فيه
سوى من المشهد
****
أيا ترابَ الذاكرة
المقدّس
كم تستحقُّ أن أطيلَ عُـمُـرك
وأحتفظُ بك
لأخبئك في ثنايا كلِّ خليةٍ عصبية
حيث أنت سِرّيَ
القادمُ من الكهوف
الـمُمتلَكُ لي فقط
دون سواي!
أعشقُك حدّ الغيبوبة
أذوبُ في ممراتكَ حدّ الهذيان
لن أفرطَ بك
ولن أساوم
أنت من صنعتَني
وتُـكَـوِّنـُني ، وتَـكُـونُـني
أنت إكسيرُ كينونتي
التي أعشق
وليَ فيك كلُّ
شقائقِ النّعمان
النابتةِ من الصخر
ولي فيك كلُّ
القبّعاتِ الجميلة
المرصّعةِ بألفِ حكاية
وثمانين قُـبلة
وكثيرٍ من ألم
وتَعلُّلاتٍ باكيةٍ ضاحكة
لا يَشقُّ صخبَها
إلا انكفاءُ قنديلٍ
في كوّةٍ صغيرة
تقتربُ من السّقف
في سردابٍ مُعتِم
نورُها باقٍ منه الكثير
تماماً كما عينيّ
عندما تفغو
لِتجتـرَّك بكلِّ زهورك ودموعك
بكلِّ الحبِّ والآلام
بكلِّ القوةِ والضعف
بكلِّ العزةِ والانكسارات..