(1) ذبول :
آه ياطفلتي ..
كنتُ أصنعُ من لون عينيكِ
متسعاً للفراشات ...
من ظلِّ هُدْبكِ
ملتجأً من هجير التخوُّفِ والأسئلة ..
كنت أنسجُ
من بسمةٍ غضةٍ فوق ثغركِ
أفراحَنا المقبلة ...
لكنْ الجندُّ يا طفلتي
صادروا من دمي لونَ عينيكِ
رقصَ الفَرَاش ،
وتلويحةَ السنبلة ...
لهذا تذوبُ ملامحُ وجهكِ
حين يجيءُ المخاضُ ..
فتأتي قصائدُنا ذابلة ...
(2) انفتاح :
افتحي بابنا ..
فعُشّاقُكِ الأخرون
يجيئون بعد خلودِ الصغارِ إلى النوم ،
تدفعُ رغبتُهم بابَ بيني ..
فترجفُ ألواحُهُ الراعدة .
يدخل أولُهم في ثيابي ..
وآخرهم في دثار الشتاء ،
..........................
حين تضجٌّ بعشَّاقِكِ المغرمين نوافذُ بيتي ،
وصدرُ الفناءِ ،
ينامون تحتَ عيونِ السماء ..
فلا تصرخي حين يدهمُني الجُندُ ،
صوتُكِ قد يفْزعُ الجندَ والجثثَ الراقدة ..
فضباط أمنِ النظامِ
يضيقون بالشعرِ ،
والنورِ ،
الغرفِ الموصدة ..
(3) انحناء :
في زمانِ الصبا
كنتُ أعشقُ نخلَ الحقول ،
يلوّحُ للشمس في كبرياء..
كنتُ أعشقُ ذاك الشموخَ
وذاك الضياء ..
كنتُ أدمنُ نفخَ الصبابةِ شعراً
بناي المساء .. !!
وكنتُ أغني متى شئتُ ،
حين يطيبُ لدي الغناء ..
.........................................
أناالآن مبتئسٌ ..
كيف أُخرجُ من صدر ناي المساء
الأهازيجَ ،
أسألٌ :
من علَّمَ النخلَ
في حقلِنا الانحناء ؟!!
(4) بيتُنا :
بيتُنا .. حجرتان .. !!
فأيهما محبسُ الشعرِ
أيُّهما قاعةُ البَرْلمان ؟ !!
(5) أسرتي :
أسرتي : شاعران .. وكيسُ نقود ..
وجندٌ يسيرون للموت دون اهتمام
بينما نحن نلعبُ ـ مثل الصغار ـ
[ اللصوصَ/ الحرس ]
.....................................
فمن يأخذُ الآن دورَ المهرج ؟
من يختفي ـ لاعبًا ـ في سراويلهم ؟
كلُّ شيءٍ هنا ملتبسٌ .. !!
فكيف نُفَرِّقُ بين الكبارِ وبين الشياطين
بين اللصوصِ وبين العسس ؟!!
(6) جفاف :
حين تفيضُ العيونُ بدمعِ المحبَّةِ
يطهُرُ جرحُ الصبابات
من وجعِ النأي والانتظار ..
حين كان يفيضُ بأضلعِنا العشقُ
كنا نطهرُ بالدمع كلَّ النجوع ..
من الظلم
والجوع
والنظرة اليائسة ..
حين جفت ينابيعُ نهرِ العيونِ ،
تملكنا اليأسُ ،
ما عادَ في شاطيءِ القلب غيرُ الوجوم
وإطراقةِ النبتةِ اليابسة ...!!
(7) مستحيل :
مستحيلٌ هو الصمتُ
ما عاد قلبُكَ يقدرُ أنْ يكتمَ الآه
والدمَ ،
فالجرحُ متسعُ ،
والزمانُ استدارَ ..
وأنتَ كما أنتَ ..
طفلٌ يرومُ السماءَ مساءً
ويبكي صباحاً على صدر أقرانِهِ كالصغار ..
فكيف تدافعُ عن ساحةِ البوْحِ
خيلَ القصائدِ ..
ما عاد فرقٌ ،
فصمتُك موتُك ،
لكنْ لك الحقُّ في الاختيار ..
تدثرْ بصمتِكَ والعارِ إنْ شئتَ
أو مُتْ ،إذا شئتَ أن توثرَ الانتحار ...
فكلُّ الحقولِ التي كنتَ تزرعُها
ـ في القصائدِ ـ حلمًا جميلاً ..
وتبذرُها حنطةً للصغارِ، وزهرًا لعشَّاقِ شِعرِكَ ،
تزرعها الآن أحذيةُ الجُندِ
بالموتِ .. والخوفِ .. والانكسار ..!!
