الرئيسية » » فـتـى الـمـعــتـقـل (١٠) - نـشـوةُ تــسـرّبٍ بـيـن مـوتٍ وحـيـاة | ديمة محمود

فـتـى الـمـعــتـقـل (١٠) - نـشـوةُ تــسـرّبٍ بـيـن مـوتٍ وحـيـاة | ديمة محمود

Written By Unknown on الخميس، 25 يونيو 2015 | 9:09 م

فـتـى الـمـعــتـقـل (١٠) - نـشـوةُ تــسـرّبٍ بـيـن مـوتٍ وحـيـاة ....................................................... فــتـايَ الـيـافـع مـازلـتُ أذْكـرُ حـشـرجـاتِـك الـمُتـقـطّـعـة وقْـتـمـا تـهـادى إلـيـكَ عُـزرائـيـل حـاملاً تـحـت جـنـاحـيهِ وردتـيـنِ وخـنـجـر! لـمّا اقـتـحـمـكَ الـفـيـروس وانـسـلّـتْ إلى جـسـدِك الـكـتـلُ الـكــرويــّةُ الــزرقــاء بـعـيـنـيْـها الـمُـصـفـرّة الـمُـتـدلّــيـةِ يـمـيـنـاً ويـسـاراً وأنـيـابِـهـا الـمُلـتـئـمةِ عـلى شـفـاهٍ خـضـراء تـتـوَسّـدُ نـصـفَ وجـهِـهـا لِـتـلـتـحـمَ بـالـعـيـنـيـن مـن الـسّـقـفِ الـمـتـورّم ِ فـي قَـبـوِ الـقـبو الـنّاضح بـالآهـات، والاسـتـغـاثـات وبـسـرعـةٍ ضـوئـيـة إلا عـشـريـن جـزءاً هـبّــت كـلُّ الـجـراثـيـمِ والـجُـرُمِ الـمُـميـتـة نـحـو بـدنـِك الـنـّحـيـل وجـمـيـعُـها وصـلـت ، مبـكـرة! لـم تـتـأخـر مـنـها إلا واحـدةٌ تـعثّــرتْ وسـقـطـتْ في الـمـاء الآسـن بِـالـبـول أمـام الحـمّـامِ الـجـاثـمِ إلـى ثـلاثـةِ أشٓبـارٍ يـسـارَ مـخـدعِـك الـحـجـريّ هـا أنـت ذا تـتـهـاوى فـي كـلِّ لـحـظـة فـلا تـلــبـثُ أن تـقـفَ حـتـى تـهـوي ومـا إن تـهـوي حتى يـفـزعُ ذلك الـصّـرصـورُ ذو الـشـاربـيـن والـمخـتـبـيء فـي شـقٍّ عريض فـي وسـطِ وِسـادتـِكَ (الـحـجـريّـة) .. أيـضاً! تـتـجلـى أمـام عـيـنـيّ جـثّـتُـكَ الـثـّقـيلـة وقـد قـذفـتْ بـك كَـنـيْـزكٍ وراحـت تـمـلأ نـفْسَـهـا مـنـك هـا هـي ذي تُـجـرّفُ خـلايـاك واحـدةً واحـدة فـتـَـتـدحـرجْ وتـنفـضُ أنـسـجـةَ بـدنـِـك فَـتَـتـبـدّد وتـصـيـرُ كُـتـلاً مـبعـثرة تـرامى جـسـدُك فـي كـلّ زاويـةٍ مـنـك و..تـفـتـّت! دمُــك يـصـعـدُ ويـهـبـطُ فـي جـنـون مُـنبـلِـجـاً مـن شـرايـيـنك مـاعُـدتَ مُـمـسِكـاً بِـبدنِك لـقـد اسـتـحـال عـلـى الالـتـحـامِ مـن جـديـد و.. فـارقَ وَحـدتَــه وهـا أنـتَ أشـــلاءٌ فـي هـيـئـةِ جـسـد يـقـتاتُـك الـمـرض تـَـتـمـدّدُ شـراهـتـُه إلى بـيتِ الـعـنكبوت الـمُـعرّش عـندَ الـكـوّةِ الـنّـافـذةِ عـلى عـتـمـة الـسّـرداب الـدّاءُ الـمـسـعور يـفـتحُ فـمَـه بـطـول سـبـعـة أمـتـار وعـرضِ أربـعـةٍِ ونـصف لـم يـكـن لِـيـهـدأ ولـم يـقـبـل بـِهـدنـة لـيـلـتقـطَ .. سوطـَه وأنـيـابَه قـبـل أن يـعـيـدَ الـكـرّة ويـستـبـسِلَ فـي الـتـهـامـك جـسـمُـك يـتّـقِـد حـبّـاتُ الـعـرق تــحـتـشـدُ بكـثـافـةٍ عـلى وجـهـك تـتـنفـسُ بـصعـوبـة.. هـا أنـت الآن تـنـتـقـلُ هـنـاك و.. تــتـجـلّـى تـُسـتــأصَـل مـن فـكّي الـزًنـزانـةِ والـجـلاد و تـرحـلُ عـن مـهـجـع الـ ،الـ ، الـ مــوت نـعـم إنــه هـو الـمـوت! لـقد عـثـرتَ عـلـيـه تـلحـقُ بــه تـركـض .. وتـركـض يـعـتـريـك الـلـّهـاث تـجـمـعُ حـصَـيـاتِ أنـفـاسِـك وتُـخـيـطُـهـا فـي غـفـلـةٍ مـن الـرّذاذِ الـسـاخـنِ الـمُبحـرِ من أنـفـك نـحـو صــدرك تَــثِـبُ فـي الـهـواء تـرتـطـمُ بالــذّرات بـقـوّة تـسـتـسـلـمُ باسـتـرخـاء لـقـانـونِ نـيـوتن لـردّاتِ الـفـعـل تَـثِـبُ أعـلى فـأعـلى تـرسـو عـلـى الـغـيـم وتـعـدو مـن جـديـد يـصـرخُ الـعُـشـرُ الـسّفـلـيّ لـِـحـُـنـجُـرتِـك أيـّهـا الـمـوت، أيـّهـا الـمـوت انـتـظـرنـي أرجـوك .. أرجـوك ومـازلـت تـنـادي، حـتّى تتـوقّـف مُـنـهـكاً ثـمّ تـعـيـدُ الـمـغـامـرة يـخـفـّفُ ذلـك الـهـلامُ الأبـيـض خُـطـاه فـجـأةً تـنْـبـتُ أمـامـَه يـُحـملـِقُ فـيـكَ بـذراعـيه الـفـضفاضـتـين بـهـزيمٍ مُـجـلـجِـلٍ يـخـاطـبُـك رافـعــــاً ذراعـيـه نـحـوك يـا... حـبـيـبـي مـشـتـاقٌ إلـيّ ! مـلـهـوف ! مـا أروعــك! تـلـتـوي ذراعــاه عـلـى كُـلِّـك فـي احـتـضانٍ سيــمـفـونـيٍّ شـهـيّ لـمْ تـذُبْ لِـمـثـلِـه مـن قـبـل! يـغــشٓـاكَ الـهُــلام ُ من رأسـك حتى حـوافّ أظـافرِ قـدمـيـك تــخـتـنـق، يـنـغــلـقُ مـجرى تـنـفّسِـك يــتـوقّـفُ نـفـَسُـك فـعـلاً (لـثـوانٍ) هـا أنـت الآن تـُرفـرفُ بــجـنـاحـيـن مـن ذهـب في الـفـضـاء ، فـي الـكـون لا ، لا فـي مـجـرّاتٍ ضـخمـة لا تـدري، شـيءٌ كـهـذا! تـغـلـبـُـكَ رغـبـة ٌ بـضحـكـةٍ مُـعـربدة لـم تـكـن لـتجـرؤَ عـلـى ارتـكـابـهـا مـن قـبـل تـضـحـكُ بـِكُـلـِّك مـن جـذورِك ، زمـنـاً تـضـحكُ خـلايـاك خـليـةً خـليـة بِـنُـواهـا وأغـشـيـتِـها بِكُـلـِّهـا أيـضـاً تـَتـلـفّـتُ لـنـفـْسِكَ بِدهـشٓة وأنـت تـسبـحُ مـن داخـلِ الـهُـلام فـي هـذه الـمـجرّات تـَتـرسّـخُ قـنـاعتـُك بـِذاتـِك تـخـاطـبـُهـا فـي كـبـريـاء: ذاتـي الـسـرمـديّـة أيّـتـهـا الـعـظـيـمـة تـسـتـحـقّيـنَ كـلّ هـذا الجـمـال تـسـبحـيـنَ فـي الـفـضـاء! تـجـوبـيـن الـمـجـرّات! أيّـتـهـا الـمـُعـمّـدة بـِـهـاتـيـكَ الأوجـاع تـسـتـحـقّيـنَ الـخــلاص تـسـتـحـقّيـنَ كـلّ هـذه الـلّـذّةِ والانـتـشــاء ملء كــلِّ الـثّـمـالات مـلء ثـمـالـةِ الـثّـمـالـة! هـا هـو الـمـشـتـري عن يـميـنِك وهـا أنت تـغـادرُ زُحـل وتتركُـه خـلـفـك تـتـراءى من بـعيـد غـابـةٌ كـثـيفـة يـتوسّـطـُهـا شـلال غـزالـةٌ تلاعـبُ صغـيرَها ينـبـطـحـانِ مـعـاً على الأرض يـحفـّهـمـا يـاسـمـينٌ مـلـتـفٌّ على كـرْمـةٍ وبــيلـسـان في عـنـاقٍ مـدهـش ! أشٓبـه بـسـجـادةٍ فـارسـيّــة مـعـتّـقـةٍ بـالـمِـسكِ ومـاء الـورد تـُداعـبُـهـمـا الـفـراشـاتُ جـيئـةً وذهـابـاً لا يـقـيـّدُكَ شـيء تـنـدفـعُ إٓليـهما بـسـرعـة تـنـبـطـحُ مـعـهـما تـضـحكـون سـويـّةً بـطـفـولـةٍ شـديـدة بـِجـنـونٍ وانـعـتـاق ! تـغـمـرُكم أفــواجُ الفـراش الـرّاقص أزواجـاً يـتـردّدُ صـدى الـضـحـكـاتِ فـي الـغـابـة ، ثـمّ ينـتـقـلُ إلـى الـفـضاء والـمـجـرّة حـيـث كـنـت .. تـسبـح ! على الخطِّ الـفـاصـلِ بين الـغـابـة والفـضـاء وعلى ضـفّـة مـجـرى الـشّـلال قـابـلـتْـك أرجـوحـةٌ يـلاعـبـُهـا الـهـواءُ إلـى الأمـامِ والـخـلـف أمـسكـتَ بـهـا بـقـوةٍ لتـتـوقـفَ وجـلـستَ علـيهـا وراح الـهـواءُ يـهُـزّكَ إلى الأمـام وإلى الـوراء بِـقـوّة صـار الـهـواء طَـوعَ اشـتـهـائـك وضـعـتْ روحُك أوزارَهـا وحـلّـقـتَ لأعلى ، أعـلى امـتـلأتْ رئـتـاكَ بـالـهـواء ، وقِطعِ الـفـرح أغمـضتَ عـينـيـك اكـتـظّ الـنّـفَس والأقحوان ، والجنون مـعـاً... في رئـتـيـك تـغـلـغـلَ الأقــحـوان في نـسـيـج رئـتـيـك وانـدفـع نـفٓسُكَ والجنون بـشـدةٍ ثـمّ انـسـلّ زفـيـرٌ طـويـلٌ يـتـلـوّى كـأنـّه بُـلـبُـلٌ : يـهـذي حـامـتْ عـنـاقـيـدُ الـثّـمـالـة فـوق سـفـح وجـهـك هـاهي ذي تـُدغـدغـُـك في أنـفِـك وأذنـيـك والأرجـوحـةُ تـطـير وأنـت تـعبـثُ بـالضحكات وتـطـلِـقـها ثـمّ إنّ : صـداها يـرتـدُّ إلـيـك و.. تـنـتـشـي ! و.. تـنـتـشـي ! و.. تـنـتـشـي ! . . صــوتٌ يـَخـتـرقُ زوبـعـةَ فـرحِـك صـديـقـي ، صديـقـي! يـغــزوك الـصـوت بـلـهـفتـِه تـعـرفـُه بـإصـرار إنّـه .. بـاقـر ! رفـيـقُـك ذات سـوطٍ وزنـزانـة يـمـسكُ بِكـفّيـكَ معـاً يـقـبـضُ عـلى راحـتـيْـك بـكـفّـيـهِ ، وبـشـدة يــا... يــا .... رفـيـقـيَ الـحـبـيـب اتـَفـقـنـا أن نـغـادرَ هـذا الـقـبـرَ مـعـاً لا تـتخـلـّى عـن عـهـدِنا حـفـظـتُ هـاتفَ أبـيـك وحـفـظـتَ هـاتـفَ أمّـي يــا ... عـهـدُنا ولـن أنـكـثَ بـه وأنـتَ كـذلك وأنـت كـذلك سـنـُـحـطّـمَ هـذا الـبـابَ الـمُـتـحـجّـر بأيـديـنا مـعاً سـنـتـشـرّبُ الـنـورَ مـعـاً ونـفـقـأُ الـعـتـمـةَ مـعـاً سَـنـفْـتـتـحُ الـحـيـاةَ ، ونــغــتــسـل بـالـشـمـس مـعـاً ، أنـا .. وأنـت يـنـبـثـقُ فـيـك الـزلـزال على مـصـراعـيـه يـــعــبـــُرُك، ويُــعِــيــرُكَ أنـيـابــَه يـهــزُّ جـدران أشلائـك تـسـري الـذّبـذبـاتُ فـيـهـا جـمـيعـاً وبـوتـيـرةٍ مـتـسـارعة يـتـجـاذبُ فُٓـتـاتُ الـجـسد قـطـعـةً قـطـعـة فـي لـمـح الـكـربــاج تـلـتـحـمُ وتـتـمـاسك يـتــشـكّـلُ جـسـدُك . . دهـشـةٌ مـارقـة و.. تـتـكـوّنُ أنـت ! تُـحـدّقُ فـي مـشهد الـتّـّكـويـن بـانـبهـار .. تـتـجـمّـد! تـسـري فـي خـلايـاك رعـشـةٌ ، لا بـل تـيـارٌ شعاعـيّ يـمـلـؤك ثـمّ يـتـساقـط من بـدنك على جـدران الـمهجـعِ الـقـاتم ، فٓـيـضيء تـتـراءى أمـامَ عـينـيـك رغـوةٌ بـيـضـاء تـحـاول فـتـحَـهـما يـنـجـذبُ جـفـنـاكَ بـاتـجـاه بـعـضهـمـا مـن الـداخـل بـيـنـما لاتـزال أنـت تـشـدُّهـمـا إلى الـخـارج تـرتـعـدُ الـرعـشـة، ولـوهـلـة تـنـهـمرُ أزيــزاً عـالـيَ الـتّـردّد تـحـبسُ أنـفـاسَك لـتـلـتـقـطَ جـفـنيـْـك وتـنـتـزعُـهـمـا مـن مـركـز الـتـصـاقـِهـما تــضـع عـيـنـاكَ أوزارهـا فَـتُـبـصـرُ هـالــهَ ضّـوءٍ تـغـشـاكَ أنت وبـاقـر، فـقـط تـلـتفـتُ شِمـالاً حيث لازال بـاقـرُ يـجـثـو على منتصف جسمِه ويـقبـضُ عـلى راحـتـيـك بـمـلء كـفّـيه تـتـلألأُ عـينـاه تـلـتقـي أحداقُـكما تـرتسـمُ ابتـسامـاتُكـمـا فـي ذات الـلـّحـظـة تـقـولُ بـصـوتٍ مـتـهـدّج: بــاقـر.. أنـا هـنـا ، أنـا حـيّ أنـا عـدتُ من الـمـوت أنـت أعـدت إليّ الحـيـاة أنت وهبـتنـي قـلبـي الـخـافـق مـن جـديـد أنـا خُـلـقـتُ الآن ! أنـا خُـلـقـتُ الآن ! يـنكـفئُ بـاقـرُ عـليك يـقبّـلـُكَ ويـبكـي بـشـدة، تـرِدُه حـرارةُ جـسـدِك الـمُستعر يُجـفّـفُ دمِعَـه بـسـرعه يـحْملك على ذراعـيـه الـمـتقـيّحـتين إلى الـحـمـام يــنـادي أحـمـد لـيسكبَ الـمـاء على الـجـسـد الـمُـشـتعـل يـعـيـدُك بـرفـق إلى وسـادتـِك الـحـجـريـّة يـضـعُ في فـمِك حـبّـةَ الـدّواء الـوحـيـدة التي احـتفـظ بـهـا لـنفـْسِه تبـتـلعُـهـا ، وتـهـدأُ أوجـاعُـك . . هـا أنـت تـحـطّمُ الـباب الـمُـدَمّى هـا أنـت تـغـادرُ الـحـوائـطَ الـمُعـبّـأة بـحـقـائب الآلام تـقـذفُ وراءكَ الـسـجـنَ الــملـعـون بـقُـبحـِه وتَـوَحُّشِ أصـحـابـِه هـا أنت تـسـتـغـرقُ عـشـرين دقـيـقةً كي تـفتـحَ عـيـنـيـك لـلـنّـور بـشـكـلٍ اعـتـيـاديّ هـا أنت تـغـتـسـلُ بـالـشّـمس وتُـقَـبّـلُ ذرّات الـهـواء وتـرقـص! . . بـعـد أسـبـوعٍ فـقـط مـن مــوتٍ هـاجـمـكَ ، فَـقــتـلـتـَه ! بـعـد أسـبـوعٍ فـقـط لـكلٍّ من: هـذا الإبـحـار الأسـطـوريّ ، والـتّـوحّـد الـرّوحـي مـع بــــاقـــر ! بـعـد أسـبـوعٍ فـقـط مـن إعـادة الـخـنـجـر لـعـزرائـيل ، 
واسـتـنـشاقِ وردتـيْه!


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.