الرئيسية » » سمكة صغيرة بين ضلوعه | دوريان لو

سمكة صغيرة بين ضلوعه | دوريان لو

Written By Unknown on الخميس، 11 يونيو 2015 | 5:18 ص

سمكة صغيرة بين ضلوعه 
 

كيف لا يمكن أن أتخيل الأورام
التي تتعفن تحت جلده، ذلك اللحم
الذي كنت أقبله ، و أ تحسسه بأناملي،
و أحتك عليه ببطني و نهدي، و في بعض الليالي
كنت أظن أنه من الصعب النفاذ فيه، أن أفتح
ظهره عند العمود الفقري مثلما أفتح بابا أو ستارا
و أتسلل مثل سمكة صغيرة بين ضلوعه،
ثم أنكز بشفتي مرجان دماغه،
ماشطة حناياه الزرقاء
بذيلي الحريري المزخرف.
***
الماء العذب الذي شربناه كأطفال من العطش
لا زال يجري في عروقنا. و النجوم التي رأينا يومئذ
لا زلنا نراها الآن، قليل منها فقط، نادر، و أكثر ضآلة.
لا زالت تشجينا الألحان القديمة التي تُعزف
بالرغم مما تعلمناه ، من مخاوف الحب،
من البراءة التي أضعنا، من الأدب، و موت الشعراء.
لا زلنا مع ذلك نكلّم، و لو همسا،
شيئا في داخلنا يتوق إلى أن يسمىَّ.
سميناه الماضي ثم سحبناه وراءنا،
كأنه كيس أو رئة مليئة بالقتامة و الغناء،
بالأحلام الشاردة، و مفاتيح أسماء ضائعة.
***
جاءني الموت ثانية، فتاة
في قميص قطني ، حافية، تقهقه.
ليس الأمر مرعبا تقول،
أو كما تظنينه، كله عتمة
و سكينة. هناك أجراس
و رائحة ليمون، مطر
في بعض الأيام، و في الغالب هواء جاف
و لطيف، أجلس تحت الأدراج
التي بنيت من شعر و عظام، و أصغي
لأصوات الأحياء. تعجبني،
تقول، و هي تنفض الغبار عن شعرها،
بشدة حين يتخاصمون أو يغنون.
***
كم تمنيت أن أكون تلك الطفلة التي
رأت من نافذتها القمر
فتمنت أن تلتفت إليه و تتساءل.
لم أعجب أبدا. كنت أقرأ. علامات سوداء
تدب حتى حاشية الورقة.
لقد استغرقني أعواما كي أربي قلبا
من ورق و غراء. فأنا لم أكن أملك سوى
مصباح عاكس. في سطوع القمر،
سوى ثقب أبيض يتألق تحت الملاءات.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.