الرئيسية » » فتى المعتقل (٤) - ترنيمة الجوع | ديمة محمود

فتى المعتقل (٤) - ترنيمة الجوع | ديمة محمود

Written By Unknown on الأحد، 21 يونيو 2015 | 6:16 م

 فتى المعتقل (٤) - ترنيمة الجوع
.........................

الأسـيـرُ الـفـتـى
الـفـتى الـفـتـيّ
الـثـقـوبُ تـملأُ الـوعـاء
والـوعاءُ اسـتـحـال إلـى
خـِرقــة
والـخِرقـةُ تـوشـك عـلى
الـبـِلـى
ووخـزُ الـدبـابـيـس
لايـزال يـهـلـهـلُ
مَـعـدتـَك
مـاالأمـر !
الـجـوعُ إثـرَ الـجـوع!
أهو الـجـوعُ الـكـافـر؟!
أم أنـه الـكـفـرُ الـبـواح!
بــطـاطـا عـفــنـة
وخــبـزٌ يـابــس
و حــسـاءٌ خـبــأتَـه
يـومــيـن وثــلاثـة
لــتـحـلَّ ربـاطَ جـوعـك
تـبّـاً لـه ، إلـى الـيـوم
مـازال طـعـمُــه فـي فـمـك!!
و بـرغـلٌ حمـضيّ الــهـباء
ســمّـم رفـاقَـك
حـيـن أكـلـوه
ذات سـردابٍ مـقـيـت
بـعـد سـاعـاتٍ مـن صـراخـهـم
واسـتـغـاثـتِـهـم
جـرّوهـم خـارجَ الــمهـجع
وأثـخـنـوهـم كـوابـلَ ولـكَـمـات
جـعـلـوهـم كــراتِ دمـاء
تـتـدحـرجُ يـمـنـةً ويـسـرة
لأنـهـم اشتـكـوا آلام مَـعـداتـهم
ولـمّا أخـبـرهـم الـطـبــيــبُ
بـأنـهـم أمـواتٌ
لا مـسـمـومـون فـقـط
ضـربـوا الـطـبــيـب
وأعادوهـم بـلا حـيـاةٍ
وبـلا مـوت
جـثـثـاً تـلـتـقـطُ قـطـرات
هــواء
أعادوهـم بـلا عـلاج!
رائحـةُ الـمـرضِ تــنـفـذُ
مـن فـُتـات الـطـعـام
وحـشرجـاتُ الـمـوتِ
تــتـرنـحُ فـي كـلّ
لـقـمـةٍ عـفـِنـة
وأكـلـةٍ فـاسـدة
رقـصـةُ الـمـوت
تَـلـوح بـيـن كِـسـراتِ
الـخــبـزِ الـمـتـعـفّن
حـبـاتُ الـبـرغـل الحَـمِـض
تـتـمـاهـى مـع جـوفـك
تـرقـصُ تـارةً، وتـهـوي تـارة
فـي آنـيـةٍ قـذرة
يـصُـمّـكَ صـراخُـهـا
تـتـقـيـأُ نـفـسَِهـا
وهـي تـجـتـرُّ مـع هذا كـلـه
جـبـروتَ الـمـكـان
وبـؤسَـه وغـابـيـّـتـه
صـراصـيـرٌ ، وقـمـل
ديـدانٌ ، وحــشراتٌ
تـعـرفـهـا، ولا تـعـرفـهـا
كـم تــسلـقـتْ جـسـمَـك الـواهـن
حـتى ظــنـنــتَ مـِراراً
أنـها طـعـامٌ مـن سـمـاء الـلـّه
أرسـلـه لـك
لـتـقـذفَـه فـي زاويـة
خِـرقـتِـك الـمُحـاصـرة
لـن أنـسـى رفـيـقـَك الـجائع ،
حـيـنـمـا اسـتحالـت كـيـنـونــتُـه
نـحـو الـمـوت
وأمـسـك ذراعـيْ الـصرصـورِ
بـيـديـه
أرجـحـهُ قـلـيـلاً
حـمـلـقـتَ إلـى مـا خـلـف الـجـدار
هـزّ رأسـه، وقـال لـك
رقـصةُ الـمـوت
وداعُ الـحـيـاة
فـلـيـرقـصـهـا عـنـا
نـحـن مـن سـنـمـوت هـنـا
دون رقـصة
ودون أن يـبـكـيـنا أحـد
الـتـفـت لـصـرصـوره
يـقـضـمُ شـفـتـيـه
ويـؤرجـحُـه
نـظــفـتُـه تـفـضـلْ، يـقـول
لا يـنـتـظـرُ جـوابـَك
يـأكـلُـه، ويـمـضـغ عـلى مـهـل!
أيُّ اشـمـئـزازٍِ وتـقـزّزٍ هـذا !
يـدور رأسُك وتـشـعـر بـه
كـالـبـالـون
خـلــيـطٌ مـن
غـثـيـانٍ ورغـبـةٍ بــالـمـوت
يـُحـكـمـان سـيـطـرتـَهـمـا
عـلـى بـقـايـا دمـاغـك
تـتـقـيّأُ وتـفـقـدُ الـوعـي لـثـوانٍ
فـي الـمـرّة الـخـامـسـة
تـعـتـادُ الـمـشـهـد..
أيُّ فـرحٍ كـان يـعـبـثُ بـك
عـندما تـلـتـقـطُ معــدتُك
أقـصـدُ خِـرقـتـَك الـمـثـقّـبة
ذرّاتٍ كـالـطـعـام
بـأيّ لـونٍ أو مذاقٍ أو رائحــة!
جــنـونٌ مـا، يـنـتـابُـك
بـعـد أربـعـةِ أيـامٍٍ من
الـصـوم الـقـسـري
لا تـتـردد
الآن، ولـيـس فـي وقـتٍ آخـر
فـي نـحـت مـقـطـوعـةٍ
لـتـرنــيمـةِ أنـيـن
خِـرقـتـِك الـمـثـقـَبـة،
بـطـنِـك الـجـائـع
الـذي مـازال صـريـرُه
يــتـرددُ فـي أذنــيك…
حتى الـلحـظـة !!
ولْـتـبـاركـكَ الآحـاد..


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.