الرئيسية » » فــتــى الــمـعـتـقــل (٢) - مــهــجــع الـمـوت | ديمة محمود

فــتــى الــمـعـتـقــل (٢) - مــهــجــع الـمـوت | ديمة محمود

Written By Unknown on الثلاثاء، 23 يونيو 2015 | 8:21 م

فــتــى الــمـعـتـقــل (٢) - مــهــجــع الـمـوت .................................................... حـدّثـهـم أيهـا الـمعتـقـل الـغـضّ عـن زنـــزانــةٍ تـضـيـق بـجـسـدهـا لا مـتّـسـع لـذراعـيـهـا سـوى لأربـعـةِ سـياطٍ ونـصـف و لا مـتـسع لـرجـلـيــهـا سوى لـسبـعـةِ كـوابـل ازدحـم فـيـهـا تـسعـون جـسـمـاً فـضـائـيـاً أشـقـيـاءُ مـنـكـوبـون ساقـطـون مـن فـوّهـات الـحـيـاة مـلـفـوظـون نـحـو الـغـابـة تــائـهـون فـي رمـلٍ صـحـراوي فـي مـوتٍ سـرمـديّ الـوجـود ، والـصـقـيـع فـكّـروا ذات أصـابعَ مـقـطـوعة أن يـفـتـحوا نـوافـذَ حـنـاجـرهـم ويــمـسـكـوا شـهـيـقـهم وزفـيـرهـم بـمـلء مــاردهـم لـيـطيـروا وسـع الـسـمـاء لـكـن سـجـّانَـهـم الـمـخـضّـب بـأحـذيـة الـغـزاة مـنـذ الـتّـتـار والـمـغـول امـتـعــض مـن أنـفـه وارتـجـفـت أُذنـاه وصـنّـفـهـم حـثـالاتٍ وبـائـيـّةٍ وطـفيـلـيّـة فـاقـتـلـع أنـفـاسَـهـم واسـتـأثـر بـخـبـزه مـع قـيـحـهم قُـل لـهـم كـيـف تـوسّـدت أرضـاً حـجـريّـة فـي الـصّـريـر والـقـيـظ دون غـطـاءٍ و لا فـراش حـفـرت تـضـاريـسَـهـا فـي جـسـدِك الـهـزيـل وما زالـت تـلـك الأخاديـد والـشـّروخ تـذكّـرك كـلّ يـوم بـفـيـض الـقـسوة لـدى تـلك الأحـجـار عـمّـا سـواهـا مـن كـلّ أحـجـار الأرض أذكـرُ قـفـزتَـك الـمُـستـديرة فـي الـهـواء عــنـدمـا أديتَ طقسَ المساجِ للسـجّـان فلم يـخـترْك لـلنّـومِ هـنـاك بـمـلاصـقـةِ مـدخـلِ الـحـمّـام فـرحـتَ يـومَـها لأنـك نـجـوت وأنّ أحداً لن تـدوسَـك قدمـاه الـمُبـتلّـة بـكـلِّ شـيء مـع كـل لـجـوءٍ أو نــزوح يـقــيـئـانِ مـن ذلك الـحمّـامِ الـوحـيٓـد لـكـلِّ هـؤلاءِ الـتّـسـعـيـن الـمـتـكـوّمِ مـذلـولاً فـي أقـصـى الـقـبر بـرائـحــةٍ كـالـجـيَـف الـمتـعــفّـنـة مـنـذ مــوت هـتـلـر بخـمـس سـنـين جـدرانُ ذلك الـقـبر الصـارخةُ ظـلمـة ً وظـلـماً الـنـاطـقـةُ ألـمـاً وقـهـراً أعـيـاهـا الـهـرم شقّـقـتـهـا الـعـتـمـة وشـقـقت عـينيـك فـلا ضـوء ولا روح وبـتّ تـرى كـلَّ شـيءٍ بـلـونٍ أسـود كـما حـاضرُ أيـامِـك ومـقـبلُـهـا في عـيـنـيـك كما هي أنـفـاسُـك ورفـاقـَك في ذلك الـقـبـرِ الـمـحدودبِ بـؤسـاً وأوزاراً ونـكـبـات الأنـيـن ُ يـتـمـدّد فـي كـلّ زوايـا الـغـرفة الآهـاتُ تـسـتـشـري بـامـتـدادات الأقـطـار مـن شـقـوق الـصـراصـير إلـى تـلـك الـكـوّةِ الـمـتـوحّدةِ مـع صـفـعـة الـسـجـان والـمـسـتـسـلـمـةِ للـعـتـمـة الـتي تـطـل عـلـيهـا مـن الـسـرداب يـجـتـثُّ الأنـيـنُ صـوتَـه مـن ثـنـايـا الـسـرمـديّـة اللّـزجـة الـتـي تـلُـفُّ كـل شـيء رائـحتَـهـا وانـكـسـارَهـا صـمـتـَهـا وتـواطـأهـا سـوادَهـا وعــفـونـتـَهـا أتـونـَهـا وصـقـيعـَها قـدرَ مـا مـرّ عـلـيهـا مـظـلـومـون و مــســحـوقـون و مـسـتـضــعـفـون وقدرَ ما سمـعـتْ سـيـاطاً وصـرخـات وحشرجاتِ احتـضار الأنــين ُ والآهـات يـتـمـاهـيـان مـع آلامـك فيـتـمـتـمـون جـميـعـاً كـلَّ لـيلـة بـكـائـيـاتـك ويـخـوضـون غـمـار هـذيـانٍ مـعـربد فـي حـضـرة الأنـفاس الأخـيـرة فـي حـضـرة الاحـتـضـار بـلا أحـداق أو شـمـوع بـلا مـنـافـذ أو نـعـوش قــلْ لـهـم وقـلْ لـهـم عن ذلـك الـقـبـر عـن مــهــجــع الـمـوت ألـف مـرةٍ ومـرةٍ


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.